تعديل

الجمعة، 3 يناير 2020


طَلَبُ المجد ابن تيمية -رحمه الله- لِلعِلْمِ وَرحَلاتُهُ([1]):
تَربَّى مَجدُ الدِّينِ أبُو البرَكاَتِ يَتيمًا بِحرَّان فِي أسْرَةِ العِلمِ والعُلَماءِ، فِي بَيتِ عَمِّهِ فَخْرُ الدِّينِ، فَدَفَعَ بِهِ إلى حِفْظِ القُرآنِ، فَحَفِظَهُ وَهُو صَبيٌّ، ثُم تَتَلمَذَ عَليهِ وعَلى وغَيرِهِ  مِنْ عُلَمَاءِ حَرَّانَ: الحَافِظُ عَبدُ القَادِرِ الرَّهَاوِيُّ، وحَنْبلُ الرَّصَافِيُّ.
ولمـَّا بَلَغَ مِنَ العُمرِ ثَلَاثَ عَشْرةَ سَنَةً؛ رَحَل َمَجدُ الدِّينِ : إلى بَغدادَ معَ ابنِ عَمِّهِ    عبدِ الغَنيِّ بنِ فَخرِ الدِّينِ([2]) لِيَخْدَمَهُ ويَتَفَقَّهُ عَلَيْهِ، ولِفَرْطِ ذَكَاءِهِ ونُبُوغِهِ المـُبكرِ؛ فَقدْ كَانَ يَبِيتُ عِندَهُ ويَسْمَعُهُ يُكَرِّرُ مَسَائلَ الخِلَافِ فَيحْفظُ المسْألَةَ، فَقالَ الفَخْرُ إسْمَاعِيلُ يَومًا: أَيْش([3]) حَفِظَ النَّنيْنُ([4])، فبَدَرَ المـَجدُ، وقَالَ: حَفِظْتُ يا سَيْديِ الدَّرسَ، وسَرَدَهُ، فَبُهِتَ الفَخْرُ، وقَالَ: هَذا يَجِيءُ مِنْهُ شَيءٌ.
مَكَثَ بِبغْدادَ سِتَ سَنَواتٍ، يَشْتغلُ فِي الفَقْهِ والخِلافِ والعَربيَّةِ، وَغيرِ ذَلِكَ،  وسَمِعَ منْ عُلمَاءِهَا، ثمَّ عَادَ إلى حَرانَّ، واشْتَغَلَ بِها عَلى عَمِّهِ الخَطِيبِ فَخرِ الدِّينِ.
ثُمَّ رَجَعَ إلى بغْدادَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرةَ، فازْدَادَ بها مِنْ العُلومِ، قَرأ بِبغْدادَ القِراءاتِ بِكتَابِ "المبْهج" لسِبْطِ الخيَّاطِ عَلَى ابنِ عَبدِ الواحِدِ بنِ سُلطَانَ، وَتَفَقَّهَ بِها عَلَى أبِي بَكرٍ ابنِ غَنِيمَةَ الحُلاوي، والفَخْرِ إِسمَاعِيل، وأتْقَنَ العرَبِيَّةَ والحِسَابَ والجَبْرَ والـمُـقَابَلة والفَرائِضَ على أبِي البَقَاءِ العَكْبَريِّ، حتى قَرأ عَليهِ كِتَابَ "الفَخْرِي" فِي الجَبرِ والمـُقَابَلةِ، وبَرَعَ فِي هَذِهِ العُلُومِ وغَيرِها.


([1]) انظر: الذيل على طبقات الحنابلة (4/1)، وشذرات الذهب (7/443).
([2]) هُوَ: عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ فَخْرِ الدِّينِ مُحمدِ ابنِ تَيْمِيَّةِ الحَرَّانِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ 581 ه، وتُوفِيَ سَنَةَ 639 ه، صَنَّفَ: "الزوائد على تفسير الوالد"، انظر: الذيل على طبقات الحنابلة (3/482).
([3]) هَكَذا فِي كُتِبِ التَّراجِمِ، وهِيَ لَفْظَةٌ فَصِيحَةٌ، فَفِي المــُـعْجمِ الوَسِيطِ (1/34): ( "أَيْشِ": منحوتٌ مِنْ "أيُّ شَيءٍ" بِمَعْنَاهُ، وقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ العَرَبُ ).
([4]) وفِي بَعْضِ التَّراجِمِ (التَّنِيِن)، أيْ: الصَّغِير. انظر: طبقات المفسرين للداوودي (1/304).