قال
ابن الرومي:
كلُّ
الخِلالِ التي فيكم محاسِنُكم ...
تشابَهَتْ فيكم الأخلاقُ والخِلَقُ
كأنّكم
شجرُ الأُتْرُجِّ طاب معاً ...
حَمْلاً ونَوْراً وطاب العودُ والورَقُ
الأترُجّ
والتُّرُنج:
ثمر من فصيلة الليمون ويسميه أهل الشام الكبّاد، والحمل بفتح الحاء - والكسر لغة -
ثمر الشجرة؛ ومن دقائق هذه اللغة الكريمة؛ أنّها تفرق بين الحِمْل الذي يحمل على
ظهر أو رأس، وبين الحَمل الذي يحمل في البطن من الأولاد في جميع الحيوانات، فالأول
يكسرون حاءه، والآخر يفتحون حاءه، قائلين: ما كان لازماً للشيء؛ فهو حَمل، وما كان
بائناً؛ فهو حِمل.
وأما
حَمِل الشجرة؛ فلما كان شبيهاً بحمل المرأة لاتصاله؛ فتحوا حاءَه، ولما كان
يشبه حِمل الشيء على الرأس -لبروزه من جهة، ولأنه ليس مستبطناً كحَمل المرأة من
جهة أخرى-؛ كسروا حاءه، والنَّور بفتح النون: الزهر، وفي الأثر: "ما
أحسنَ اللهُ خَلقَ أحدٍ وخُلُقَه فأطعمه النارَ".
ووصف
بعضهم رجلاً فقال: "يَقْري العينَ جمالاً والأذُنَ بياناً".
وقال
قتادة: "ما بعث الله نبياً إلا حَسَنَ الخُلُق، حَسنَ الوجه"، وقيل:
قلّ صورةٌ حسنةٌ تَتْبَعها نَفس رديئة. وقيل: "ينبغي للرجل أن ينظرَ إلى
وَجْهِه في المرآة، فإن كان حَسَنَ الوجهِ؛ جعل عِنايتَه أن يضمَّ إلى جَمالِ وجهه
كَمالَ خُلُقه وكمالَ نَفْسِه، وإن رأى صورةً سَمِجَةً؛ تحرَّز من أن يكونَ دميمَ
الخَلق ذَميم الخُلُق".
ونظر
بعضهم إلى غلامٍ حسن الوجه يتعلّم العلمَ فقال: أحسنتَ، إذْ قرنتَ بحُسْنِ خَلْقِكَ
حُسْنَ خُلُقِكَ. ونظر إلى رجلٍ حَسَنَ الوجه خَبيثِ النفسِ فقال: بيتٌ حسنٌ، وفيه
ساكِن نذلٌ.
ورأى
آخرُ شاباً جميلاً فقال: سلبَتْ محاسنُ وجْهِك فضائلَ نَفْسِك.
وقالوا:
فلا
تجعل الحُسنَ الدَّليلَ على الفتى ... فما كلُّ مصْقُولِ
الحديدِ يمانِ.
ioooop