هو: أَبُو
صَخْرٍ؛ كُثَيِّرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ الخُزَاعِيُّ
المَدَنِيُّ، مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ، وكان مفرط القصر دميما، دخل
على "عبدالملك بن مروان" في أول خلافته، فقال: أأنت كُثَيِّرٌ؟ فقال:
نعم، فاقتحمه، وقال: "تسمع بالمَعيديّ خير من أن تراه"، فقال: يا
أمير المؤمنين؟ كلٌّ عند محلِّه رحب الفناء، شامخ البناء، عالي السَّناء، وأنشد
يقول:
تَرى
الرَّجُلَ النَّحيفَ فَتَزْدَريهِ - وفي أثْوابِهِ أسَدٌ هَصورُ
ويُعْجِبُك الطَّريرُ فتَبْتَليهِ - فَيُخْلِفُ ظنَّكَ الرَّجُلُ الطَّريرُ
بُغاثُ الطيرِ أطولُها رِقاباً - ولَمْ تَطُلِ البُزاةُ ولا الصُّقورُ
خَشاشُ الطيرِ أكْثرُها فِراخاً - وأمُّ الصَّقْرِ مِقْلاتٌ نَزورُ
ضِعافُ الأسْدِ أكْثرُها زَئيراً - وأصْرمُها اللَّواتي لا تَزيرُ
وقَدْ عَظُمَ البعيرُ بِغيرِ لُبًّ - فلَمْ يَسْتَغْنِ بالعِظَمِ البَعيرُ
يُنَوَّخُ ثُمّ يُضْربُ بالهَراوى - فلا عُرْفٌ لَدَيْهِ ولا نَكيرُ
يُقَوِّدُه الصَّبِيُّ بكلِّ أرْضٍ - ويَنْحَرُه على التُّرْبِ الصَّغيرُ
فما عِظَمُ الرِّجالِ لَهُمْ بِزَيْنٍ - ولكِنْ زَيْنُهُمْ كَرَمٌ وخَيْرُ
فقَالَ
عَبْد الملك: لله دره، ما أفصح لسانه، وأضبط جنانه، وأطول عنانه! والله إني لأظنه
كما وصف نفسه([2]).